الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: غذاء الألباب لشرح منظومة الآداب **
إذَا كَانَتْ مُمْتَهَنَةً (وَمَا) أَيْ الَّذِي (لَمْ يُدَسْ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الصُّوَرِ , أَوْ الْفُرُشِ , وَالْمَخَادِّ الَّتِي فِيهَا الصُّوَرُ (لِوَهْنٍ) أَيْ لِضَعْفٍ وَإِهَانَةٍ وَاحْتِقَارٍ . هَذَا مُرَادُ النَّاظِمِ بِالْوَهْنِ هُنَا وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بَدَلَ هَذِهِ اللَّفْظَةِ اكْرَهَنَّ (فَشَدِّدْ) وَعَلَى النُّسْخَةِ الْأُخْرَى بِتَشَدُّدِ . وَحَاصِلُ هَذَا أَنَّ الصُّورَةَ إنَّمَا تَحْرُمُ إذَا لَمْ تَكُنْ مُمْتَهَنَةً , وَأَمَّا إذَا كَانَتْ مُمْتَهَنَةً كَمَا إذَا كَانَتْ فِي الْبُسُطِ وَالزُّلَالِيِّ الَّتِي يُدَاسُ عَلَيْهَا وَتُمْتَهَنُ , أَوْ كَانَتْ رَقْمًا فِي مَدَاسٍ يُوطَأُ عَلَيْهَا فَلَا تَحْرُمُ لِمَا قَدَّمْنَا مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا " أَنَّهَا نَصَبَتْ سِتْرًا فِيهِ تَصَاوِيرُ فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَنَزَعَهُ . قَالَتْ: فَقَطَعْته وِسَادَتَيْنِ يَرْتَفِقُ عَلَيْهِمَا " . وَفِي لَفْظٍ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ: فَقَطَعْته مِرْفَقَتَيْنِ فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ مُتَّكِئًا عَلَى إحْدَاهُمَا وَفِيهَا صُورَةٌ . فَإِذَا مَنَعَ مِنْ نَصْبِهِ سِتْرًا عَلَى الْحَائِطِ وَتَعْلِيقِهِ فَلَأَنْ يَكُونَ مَمْنُوعًا مِنْ لُبْسِهِ أَوْلَى . فَإِذَا زَالَ الْإِكْرَامُ وَخَلَفَهُ الِامْتِهَانُ بِأَنْ صَارَ يُدَاسُ مَا فِيهِ الصُّوَرُ زَالَتْ الْحُرْمَةُ . قَالَ فِي الْإِقْنَاعِ: لَا افْتِرَاشُهُ , أَيْ لَا يَحْرُمُ افْتِرَاشُ مَا فِيهِ الصُّوَرُ وَجَعْلُهُ مِخَدًّا بِلَا كَرَاهَةٍ . وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ عَلَى مَا فِيهِ صُورَةٌ , وَلَوْ عَلَى مَا يُدَاسُ , وَالسُّجُودُ عَلَيْهَا أَشَدُّ كَرَاهَةً . وَلَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ يَعْنِي مُحَرَّمَةً عَلَى مَا سَبَقَ فِي الْكَلْبِ قَالَ عليه الصلاة والسلام " إنَّ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ لَا تَدْخُلُهُ الْمَلَائِكَةُ " يَعْنِي مَلَائِكَةَ الرَّحْمَةِ , وَالْبَرَكَةِ كَمَا مَرَّ . وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ , وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه " نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الصُّورَةِ فِي الْبَيْتِ , وَنَهَى أَنْ يُصْنَعَ ذَلِكَ " فَإِنْ أُزِيلَ مِنْ الصُّورَةِ مَا لَا تَبْقَى مَعَهُ حَيَاةٌ لَمْ تُكْرَهْ فِي الْمَنْصُوصِ , بِأَنْ أُزِيلَ مِنْهَا رَأْسُهَا , أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا رَأْسٌ , لَا أَنْ فَصَلَ رَأْسَهَا عَنْ بَدَنِهَا بِمَا يُشَابِهُ الطَّوْقَ مِمَّا يَزِيدُهَا حُسْنًا فَهَذَا لَا تَزُولُ بِهِ الْحُرْمَةُ . قَالَ فِي الْإِقْنَاعِ وَغَيْرِهِ: وَتُبَاحُ صُورَةُ غَيْرِ حَيَوَانٍ كَشَجَرٍ وَكُلِّ مَا لَا رُوحَ فِيهِ , وَقَالَ فِي الْغَايَةِ: وَجَازَ تَصْوِيرُ غَيْرِ حَيَوَانٍ كَشَجَرٍ . انْتَهَى . وَفِي الْفُرُوعِ: وَإِنْ أُزِيلَ مِنْ الصُّورَةِ مَا لَا تَبْقَى مَعَهُ حَيَاةٌ لَمْ تُكْرَهْ . وَمِثْلُهُ صُورَةُ شَجَرٍ وَنَحْوِهِ وَتِمْثَالٌ , وَكَذَا تَصْوِيرُهُ فَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ تَحْرِيمَ التَّصْوِيرِ خِلَافًا لِلثَّلَاثَةِ . وَفِي الْوَجِيزِ: يَحْرُمُ التَّصْوِيرُ و اسْتِعْمَالُهُ . وَفِي الْفُصُولِ: تُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ صُورَةٌ , وَلَوْ عَلَى مَا يُدَاسُ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم " لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ " وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ هُنَا وَفِي الْوَلِيمَةِ ظَاهِرٌ , وَبَعْضُهُ صَرِيحٌ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تُمْنَعُ مِنْ دُخُولِهِ تَخْصِيصًا لِلنَّهْيِ . وَذَكَرَهُ فِي التَّمْهِيدِ فِي تَخْصِيصِ الْأَخْبَارِ . وَفِي تَتِمَّةِ الْخَبَرِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ رضي الله عنه " وَلَا كَلْبٌ وَلَا جُنُبٌ " إسْنَادُهُ حَسَنٌ . قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ , أَوْ صَرِيحُ بَعْضِهِمْ الْمُرَادُ كَلْبٌ مَنْهِيٌّ عَنْ اقْتِنَائِهِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَرْتَكِبْ نَهْيًا , كَرِوَايَةِ النَّسَائِيِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ مَرْفُوعًا " لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ جَرَسٌ , وَلَا تَصْحَبُ الْمَلَائِكَةُ رُفْقَةً بِهَا جَرَسٌ " قَالَ: وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالُ: وَكَذَا الْجُنُبُ . وَذَكَرَ شَيْخُنَا: لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَتَوَضَّأَ . وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِقْنَاعِ . قَالَ فِي الْفُرُوعِ وَفِي الْإِرْشَادِ: الصُّوَرُ وَالتَّمَاثِيلُ مَكْرُوهَةٌ عِنْدَهُ فِي الْأَسِرَّةِ , وَالْجُدْرَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ إلَّا أَنَّهَا فِي الرَّقْمِ أَيْسَرُ , وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُعْتَمَدَ الْحُرْمَةُ . وَكَأَنَّ النَّاظِمَ أَشَارَ إلَى هَذَا الْقَوْلِ عَلَى مَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَمَا لَمْ يُدَسْ مِنْهَا اكْرَهَنَّ بِتَشَدُّدٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ . (تَتِمَّةٌ) يُكْرَهُ الصَّلِيبُ فِي الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ , جَزَمَ بِهِ فِي الْإِقْنَاعِ , وَالْمُنْتَهَى . وَظَاهِرُ نَقْلِ صَالِحٍ تَحْرِيمُهُ , وَصَوَّبَهُ فِي الْإِنْصَافِ , وَذَكَرَهُ فِي الْفُرُوعِ احْتِمَالًا .
وَلِلرَّجُلِ اكْرَهْ لُبْسَ أُنْثَى وَعَكْسَهُ وَمَا حَظْرُهُ لِلَّعْنِ فِيهِ بِمُبْعَدِ (وَلِلرَّجُلِ) , وَهُوَ الذَّكَرُ الْبَالِغُ (اكْرَهْ) كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْإِقْنَاعِ , وَالْمُنْتَهَى وَغَيْرِهِمَا (لُبْسَ أُنْثَى وَعَكْسَهُ) بِأَنْ تَلْبَسَ أُنْثَى لُبْسَ رَجُلٍ , وَهِيَ مَسْأَلَةُ تَشَبُّهِ الرَّجُلِ بِالْأُنْثَى وَعَكْسُهُ فِي اللِّبَاسِ وَغَيْرِهِ فَقَدَّمَ النَّاظِمُ الْكَرَاهَةَ , ثُمَّ قَالَ رحمه الله تعالى (وَمَا حَظْرُهُ) أَيْ مَنْعُهُ وَحُرْمَتُهُ (لِ) أَجْلِ ال (لَّعْنِ) الْوَارِدِ عَنْ حَضْرَةِ سَيِّدِ الْأَوَّلِينَ , وَالْآخِرِينَ عليه الصلاة والسلام (فِيهِ) أَيْ تَشَبُّهِ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ وَتَشَبُّهِ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ (بِمُبْعَدِ) , بَلْ هُوَ قَرِيبٌ , فَإِنَّهُ صلى الله عليه وسلم " لَعَنَ الْمُتَشَبِّهِينَ مِنْ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ , وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنْ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما " وَلَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الرَّجُلَ يَلْبَسُ لُبْسَ الْمَرْأَةِ , وَالْمَرْأَةَ تَلْبَسُ لُبْسَ الرَّجُلِ " رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: إسْنَادُهُ صَحِيحٌ , وَهُوَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه . وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما " أَنَّ امْرَأَةً مَرَّتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُتَقَلِّدَةً قَوْسًا فَقَالَ: لَعَنَ اللَّهُ الْمُتَشَبِّهَاتِ مِنْ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ " الْحَدِيثَ . وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ " لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمُخَنَّثِينَ مِنْ الرِّجَالِ , وَالْمُتَرَجِّلَاتِ مِنْ النِّسَاءِ " قَالَ الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ: الْمُخَنَّثُ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِهَا مَنْ فِيهِ انْخِنَاثٌ , وَهُوَ التَّكَسُّرُ وَالتَّثَنِّي كَمَا يَفْعَلُهُ النِّسَاءُ لَا الَّذِي يَأْتِي الْفَاحِشَةَ الْكُبْرَى . وَأَخْرَجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ " لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُخَنَّثِي الرِّجَالِ الَّذِينَ يَتَشَبَّهُونَ بِالنِّسَاءِ , وَالْمُتَرَجِّلَاتِ مِنْ النِّسَاءِ الْمُتَشَبِّهَاتِ بِالرِّجَالِ , وَرَاكِبَ الْفَلَاةِ وَحْدَهُ " . وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا " أَرْبَعَةٌ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا , وَالْآخِرَةِ وَأَمَّنَتْ الْمَلَائِكَةُ: رَجُلٌ جَعَلَهُ اللَّهُ ذَكَرًا فَأَنَّثَ نَفْسَهُ وَتَشَبَّهَ بِالنِّسَاءِ , وَامْرَأَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ أُنْثَى فَتَذَكَّرَتْ وَتَشَبَّهَتْ بِالرِّجَالِ , وَاَلَّذِي يُضِلُّ الْأَعْمَى , وَرَجُلٌ حَصُورٌ , وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ حَصُورًا إلَّا يَحْيَى ابْنَ زَكَرِيَّا " وَرَوَى الْبَزَّارُ , وَالْحَاكِمُ , وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " ثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ: الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ , وَالدَّيُّوثُ , وَرَجُلَةُ النِّسَاءِ " . قَالَ الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ: الدَّيُّوثُ بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ هُوَ الَّذِي يَعْلَمُ الْفَاحِشَةَ فِي أَهْلِهِ وَيُقِرُّهُمْ عَلَيْهَا . قُلْت: وَهُوَ فِي حَدِيثِ عَمَّارٍ رضي الله عنه مُفَسَّرٌ فِي الْمَرْفُوعِ وَلَفْظُهُ " ثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ أَبَدًا: الدَّيُّوثُ , وَالرَّجُلَةُ مِنْ النِّسَاءِ , وَمُدْمِنُ الْخَمْرِ . قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَمَّا مُدْمِنُ الْخَمْرِ فَقَدْ عَرَفْنَاهُ , فَمَا الدَّيُّوثُ؟ قَالَ: الَّذِي لَا يُبَالِي مَنْ دَخَلَ عَلَى أَهْلِهِ . قُلْنَا: فَمَا الرَّجُلَةُ مِنْ النِّسَاءِ؟ قَالَ: الَّتِي تَتَشَبَّهُ بِالرِّجَالِ " رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ . قَالَ الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ: وَرُوَاتُهُ لَا أَعْلَمُ فِيهِمْ مَجْرُوحًا . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَأَحْسَنُ مَلْبُوسٍ بَيَاضٌ لِمَيِّتٍ وَحَيٍّ فَبَيِّضْ مُطْلَقًا لَا تُسَوِّدْ (وَأَحْسَنُ) بِمَعْنَى أَفْضَلُ (مَلْبُوسٍ) مِنْ الثِّيَابِ وَغَيْرِهَا مَا لَوْنُهُ (بَيَاضٌ لِ) إنْسَانٍ (مَيِّتٍ) بِأَنْ يُكَفَّنَ فِي ثِيَابٍ بِيضٍ بِيضٍ (وَ) لِ (حَيٍّ) بِأَنْ يَلْبَسَ الثِّيَابَ الْبِيضَ دُونَ غَيْرِهَا لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ , وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ " الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمْ الْبَيَاضَ , فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ , وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ " . وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا , وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ , وَالْحَاكِمُ , وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِهِمَا عَنْ سَمُرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " الْبَسُوا الْبَيَاضَ , فَإِنَّهَا أَطْهَرُ وَأَطْيَبُ , وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ " . وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه مَرْفُوعًا " أَحْسَنُ مَا زُرْتُمْ اللَّهَ بِهِ فِي قُبُورِكُمْ وَمَسَاجِدِكُمْ الْبَيَاضُ " . (فَبَيِّضْ) ثِيَابَك أَيْ اتَّخِذْهَا بِيضًا (مُطْلَقًا) أَيْ فِي الْأَعْيَادِ وَغَيْرِهَا , قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَالْبَيَاضُ أَفْضَلُ اتِّفَاقًا . وَفِي الْإِقْنَاعِ , وَالْمُنْتَهَى فِي الْخُرُوجِ لِلْجُمُعَةِ , وَالْعِيدَيْنِ: وَيَلْبَسُ أَحْسَنَ ثِيَابِهِ وَأَفْضَلُهَا الْبَيَاضُ . وَعِبَارَةُ الْمُنْتَهَى: وَيَلْبَسُ أَحْسَنَ ثِيَابِهِ , وَهُوَ الْبَيَاضُ . قَالَ فِي الرِّعَايَةِ وَأَفْضَلُهَا الْبَيَاضُ . (لَا) نَاهِيَةٌ (تُسَوِّدْ) هَا فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَجْزُومٌ بِلَا النَّاهِيَةِ وَمُرَادُهُ بِالنَّهْيِ خِلَافُ الْأَفْضَلِ وَإِلَّا فَلُبْسُ السَّوَادِ مُبَاحٌ , وَلَوْ لِلْجُنْدِ كَمَا فِي الْإِقْنَاعِ وَغَيْرِهِ . قَالَ فِي الْآدَابِ: يُبَاحُ لُبْسُ السَّوَادِ مِنْ عِمَامَةٍ نَصًّا وَثَوْبٍ وَقَبَاءٍ وَقِيلَ إلَّا لِمُصَابٍ , أَوْ جُنْدِيٍّ فِي غَيْرِ حَرْبٍ . وَعَنْهُ يُكْرَهُ لِلْجُنْدِيِّ مُطْلَقًا . وَيُرْوَى عَنْ الْإِمَامِ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: مَنْ تَرَكَ ثِيَابًا سُودًا يُحْرِقُهَا الْوَصِيُّ قِيلَ لَهُ: فِي الْوَرَثَةِ صِبْيَانٌ تَرَى أَنْ يُحْرِقَ؟ قَالَ: نَعَمْ يُحْرِقُهُ الْوَصِيُّ . قَالَ الْمَرُّوذِيُّ: وَهَذَا يَقْتَضِي تَحْرِيمَهُ . وَعَلَّلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رضي الله عنه بِأَنَّهُ لِبَاسُ الْجُنْدِ أَصْحَابِ السُّلْطَانِ وَالظَّلَمَةِ . وَسَأَلَ أَحْمَدُ الْمُتَوَكِّلَ أَنْ يُعْفِيَهُ مِنْ لُبْسِ السَّوَادِ فَأَعْفَاهُ . وَسَلَّمَ رَجُلٌ عَلَى الْإِمَامِ أَحْمَدَ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ وَكَانَ عَلَيْهِ جُبَّةٌ سَوْدَاءُ وَاسْتَبْعَدَ فِي الْفُرُوعِ الْأَمْرَ بِحَرْقِهِ . , وَقَدْ سَأَلَ الرَّشِيدُ الْأَوْزَاعِيَّ عَنْ لُبْسِ السَّوَادِ فَقَالَ لَا أُحَرِّمُهُ وَلَكِنْ أَكْرَهُهُ قَالَ وَلِمَ؟ قَالَ: لِأَنَّهُ لَا تُجَلَّى فِيهِ عَرُوسٌ , وَلَا يُلَبِّي فِيهِ مُحْرِمٌ , وَلَا يُكَفَّنُ فِيهِ مَيِّتٌ , وَقِيلَ لِنَمْلَةٍ: لِمَ تَلْبَسُونَ السَّوَادَ؟ قَالَتْ: لِأَنَّهَا أَشْبَهُ بِثِيَابِ أَهْلِ الْمُصِيبَةِ . وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي فَتًى فِيمَنْ لَبِسَ السَّوَادَ (شِعْرًا): رَأَيْتُكَ فِي السَّوَادِ فَقُلْتُ بَدْرٌ بَدَا فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ الْبَهِيمِ وَأَلْقَيْت السَّوَادَ فَقُلْتُ شَمْسٌ مَحَتْ بِشُعَاعِهَا ضَوْءَ النُّجُومِ
(فَائِدَةٌ) أَوَّلُ مَا لَبِسَ الْعَبَّاسِيُّونَ السَّوَادُ حِينَ قَتَلَ مَرْوَانُ الْأُمَوِيُّ إبْرَاهِيمَ الْإِمَامَ لَمَّا تَنَسَّمَ مِنْهُ دَعْوَى الْخِلَافَةِ لَبِسُوهُ حُزْنًا قَالُوا: لِأَنَّهَا أَشْبَهُ بِثِيَابِ أَهْلِ الْمُصِيبَةِ وَفِي الْمُحْكَمِ: الْبَسْ الْبَيَاضَ وَالسَّوَادَ , فَإِنَّ الدَّهْرَ كَذَا بَيَاضٌ وَسَوَادٌ . وَأَوَّلُ مَنْ لَبِسَ السَّوَادَ مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ صلوات الله عليهم ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ فِي أَوَائِلِهِ , وَالْمُعْتَمَدُ فِي الْمَذْهَبِ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَلَا بَأْسَ بِالْمَصْبُوغِ مِنْ قَبْلِ غَسْلِهِ مَعَ الْجَهْلِ فِي أَصْبَاغِ أَهْلِ التَّهَوُّدِ (وَلَا بَأْسَ) أَيْ لَا حَرَجَ وَلَا حُرْمَةَ (بِ) لُبْسِ الثَّوْبِ (الْمَصْبُوغِ) وَاسْتِعْمَالِهِ حَالَ كَوْنِ اللُّبْسِ وَالِاسْتِعْمَالِ (مِنْ قَبْلِ غَسْلِهِ) أَيْ غَسْلِ الثَّوْبِ الْمَصْبُوغِ وَنَحْوِهِ مِنْ الصِّبْغِ الَّذِي عَلِقَ عَلَيْهِ حَيْثُ كَانَ ذَلِكَ (مَعَ الْجَهْلِ فِي) حَالِ (أَصْبَاغِ أَهْلِ التَّهَوُّدِ) وَنَحْوِهِمْ مِنْ الطَّهَارَةِ وَالنَّجَاسَةِ , فَلَا يَجِبُ غَسْلُ الثَّوْبِ الْمَصْبُوغِ بِلَا فَرْقٍ بَيْنَ كَوْنِ الصَّابِغِ مُسْلِمًا أَوْ نَصْرَانِيًّا , أَوْ يَهُودِيًّا , أَوْ مُشْرِكًا وَنَحْوَهُمْ مِنْ بَقِيَّةِ الْكُفَّارِ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِالنَّجَاسَةِ , بَلْ يُبَاحُ اللُّبْسُ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ وَمَا عَدَاهَا مَشْكُوكٌ فِيهِ فَلَا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فِي الْمُعْتَمَدِ . وَقِيلَ اكْرَهَنْهُ مِثْلَ مُسْتَعْمَلِ الْإِنَا , وَإِنْ تَعْلَمْ التَّنْجِيسَ فَاغْسِلْهُ تَهْتَدِ (وَقِيلَ اكْرَهَنْهُ) أَيْ اكْرَهْ مَا صَبَغَهُ الْكُفَّارُ (مِثْلَ) مَا يُكْرَهُ (مُسْتَعْمَلُ) أَيْ اسْتِعْمَالُ (الْإِنَاءِ) أَيْ أَوَانِي الْكُفَّارِ عَلَى الْقَوْلِ بِكَرَاهَتِهَا . , وَالْمَذْهَبُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ . قَالَ فِي الْإِقْنَاعِ: وَثِيَابُ الْكُفَّارِ كُلِّهِمْ وَأَوَانِيهِمْ طَاهِرَةٌ إنْ جُهِلَ حَالُهَا حَتَّى مَا وَلِيَ عَوْرَاتِهِمْ , كَمَا لَوْ عُلِمَتْ طَهَارَتُهَا , وَكَذَا مَا صَبَغُوهُ , أَوْ نَسَجُوهُ . وَعِبَارَةُ الْمُنْتَهَى: وَمَا لَمْ تُعْلَمْ نَجَاسَتُهُ مِنْ آنِيَةِ كُفَّارٍ , وَلَوْ لَمْ تَحِلَّ ذَبِيحَتُهُمْ كَالْمَجُوسِ وَمَا لَمْ تُعْلَمْ نَجَاسَتُهُ مِنْ ثِيَابِهِمْ , وَلَوْ وَلِيَتْ عَوْرَاتِهِمْ , وَكَذَا مَنْ لَابَسَ النَّجَاسَةَ كَثِيرًا طَاهِرٌ مُبَاحٌ فَصَرَّحَ بِالطَّهَارَةِ , وَالْإِبَاحَةِ كَالْإِقْنَاعِ وَغَيْرِهِ . قَالَ شَارِحُهُ: وَلِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ فَلَا تَزُولُ بِالشَّكِّ . وَبَدَنُ الْكَافِرِ طَاهِرٌ , وَكَذَا طَعَامُهُ وَمَاؤُهُ وَمَا صَبَغُوهُ , أَوْ نَسَجُوهُ . , ثُمَّ قَالَ فِي الْإِقْنَاعِ , وَالْغَايَةِ: وَتَصِحُّ الصَّلَاةُ فِي ثِيَابِ الْمُرْضِعَةِ , وَالْحَائِضِ وَالصَّبِيِّ مَعَ الْكَرَاهَةِ , مَا لَمْ تَعْلَمْ نَجَاسَتَهَا , فَفَرَّقَ بَيْنَ الْحَائِضِ , وَالْمُرْضِعَةِ , وَبَيْنَ ثِيَابِ الْكُفَّارِ وَمُلَابِسِي النَّجَاسَةِ فَجَعَلَهَا فِي ثِيَابِ الْمُرْضِعَةِ , وَمَا عُطِفَ عَلَيْهَا مَكْرُوهَةٌ بِخِلَافِ الْكُفَّارِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِمْ . وَعِبَارَةُ الْفُرُوعِ: وَثِيَابُ الْكُفَّارِ وَآنِيَتُهُمْ مُبَاحَةٌ إنْ جُهِلَ حَالُهَا وِفَاقًا لِأَبِي حَنِيفَةَ . وَعَنْهُ الْكَرَاهَةُ وِفَاقًا لِمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ . وَعَنْهُ الْمَنْعُ وَعَنْهُ فِيمَا وَلِيَ عَوْرَاتِهِمْ وَعَنْهُ الْمَنْعُ مِمَّنْ تَحْرُمُ ذَبِيحَتُهُ , وَكَذَا حُكْمُ مَا صَبَغُوهُ وَآنِيَةُ مَنْ لَابَسَ النَّجَاسَةَ كَثِيرًا وَثِيَابُهُ . وَقِيلَ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ رضي الله عنه عَنْ صَبْغِ الْيَهُودِ بِالْبَوْلِ؟ فَقَالَ: الْمُسْلِمُ , وَالْكَافِرُ فِي هَذَا سَوَاءٌ , وَلَا تَسْأَلْ عَنْ هَذَا وَلَا تَبْحَثْ عَنْهُ , فَإِنْ عَلِمْت فَلَا تُصَلِّ فِيهِ حَتَّى تَغْسِلَهُ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ النَّاظِمُ رحمه الله بِقَوْلِهِ (وَإِنْ تَعْلَمْ التَّنْجِيسَ) فِي الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ (فَاغْسِلْهُ) الْغَسْلَ الشَّرْعِيَّ الَّذِي يُذْهِبُ النَّجَاسَةَ بِالْعَدَدِ الْمُعْتَبَرِ إنْ قُلْنَا بِهِ , أَوْ بِمَا يُذْهِبُ عَيْنَ النَّجَاسَةِ وَطَعْمَهَا , وَكَذَا رِيحُهَا , وَلَوْنُهَا مَا لَمْ تَعْجِزْ عَنْ إزَالَتِهِمَا (تَهْتَدِ) مَجْزُومٌ فِي جَوَابِ الطَّلَبِ , وَيَطْهُرُ بِالْغَسْلِ , وَإِنْ بَقِيَ اللَّوْنُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام وَلَا يَضُرُّكَ أَثَرُهُ . قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَاحْتَجَّ غَيْرُ وَاحِدٍ بِقَوْلِ عُمَرَ رضي الله عنه فِي ذَلِكَ: نَهَانَا اللَّهُ عَنْ التَّعَمُّقِ وَالتَّكَلُّفِ . وَبِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما فِي ذَلِكَ: نُهِينَا عَنْ التَّكَلُّفِ وَالتَّعَمُّقِ وَسَأَلَهُ - يَعْنِي الْإِمَامَ أَحْمَدَ - رضي الله عنه أَبُو الْحَارِثِ عَنْ اللَّحْمِ يُشْتَرَى مِنْ الْقَصَّابِ , قَالَ: يُغْسَلُ , وَقَالَ شَيْخُنَا يَعْنِي شَيْخَ الْإِسْلَامِ: بِدْعَةٌ , يَعْنِي غَسْلَ اللَّحْمِ .
وَلَا بَأْسَ بِالْمَصْبُوغِ مِنْ قَبْلِ غَسْلِهِ مَعَ الْجَهْلِ فِي أَصْبَاغِ أَهْلِ التَّهَوُّدِ (وَلَا بَأْسَ) أَيْ لَا حَرَجَ وَلَا حُرْمَةَ (بِ) لُبْسِ الثَّوْبِ (الْمَصْبُوغِ) وَاسْتِعْمَالِهِ حَالَ كَوْنِ اللُّبْسِ وَالِاسْتِعْمَالِ (مِنْ قَبْلِ غَسْلِهِ) أَيْ غَسْلِ الثَّوْبِ الْمَصْبُوغِ وَنَحْوِهِ مِنْ الصِّبْغِ الَّذِي عَلِقَ عَلَيْهِ حَيْثُ كَانَ ذَلِكَ (مَعَ الْجَهْلِ فِي) حَالِ (أَصْبَاغِ أَهْلِ التَّهَوُّدِ) وَنَحْوِهِمْ مِنْ الطَّهَارَةِ وَالنَّجَاسَةِ , فَلَا يَجِبُ غَسْلُ الثَّوْبِ الْمَصْبُوغِ بِلَا فَرْقٍ بَيْنَ كَوْنِ الصَّابِغِ مُسْلِمًا أَوْ نَصْرَانِيًّا , أَوْ يَهُودِيًّا , أَوْ مُشْرِكًا وَنَحْوَهُمْ مِنْ بَقِيَّةِ الْكُفَّارِ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِالنَّجَاسَةِ , بَلْ يُبَاحُ اللُّبْسُ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ وَمَا عَدَاهَا مَشْكُوكٌ فِيهِ فَلَا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فِي الْمُعْتَمَدِ . وَقِيلَ اكْرَهَنْهُ مِثْلَ مُسْتَعْمَلِ الْإِنَا , وَإِنْ تَعْلَمْ التَّنْجِيسَ فَاغْسِلْهُ تَهْتَدِ (وَقِيلَ اكْرَهَنْهُ) أَيْ اكْرَهْ مَا صَبَغَهُ الْكُفَّارُ (مِثْلَ) مَا يُكْرَهُ (مُسْتَعْمَلُ) أَيْ اسْتِعْمَالُ (الْإِنَاءِ) أَيْ أَوَانِي الْكُفَّارِ عَلَى الْقَوْلِ بِكَرَاهَتِهَا . , وَالْمَذْهَبُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ . قَالَ فِي الْإِقْنَاعِ: وَثِيَابُ الْكُفَّارِ كُلِّهِمْ وَأَوَانِيهِمْ طَاهِرَةٌ إنْ جُهِلَ حَالُهَا حَتَّى مَا وَلِيَ عَوْرَاتِهِمْ , كَمَا لَوْ عُلِمَتْ طَهَارَتُهَا , وَكَذَا مَا صَبَغُوهُ , أَوْ نَسَجُوهُ . وَعِبَارَةُ الْمُنْتَهَى: وَمَا لَمْ تُعْلَمْ نَجَاسَتُهُ مِنْ آنِيَةِ كُفَّارٍ , وَلَوْ لَمْ تَحِلَّ ذَبِيحَتُهُمْ كَالْمَجُوسِ وَمَا لَمْ تُعْلَمْ نَجَاسَتُهُ مِنْ ثِيَابِهِمْ , وَلَوْ وَلِيَتْ عَوْرَاتِهِمْ , وَكَذَا مَنْ لَابَسَ النَّجَاسَةَ كَثِيرًا طَاهِرٌ مُبَاحٌ فَصَرَّحَ بِالطَّهَارَةِ , وَالْإِبَاحَةِ كَالْإِقْنَاعِ وَغَيْرِهِ . قَالَ شَارِحُهُ: وَلِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ فَلَا تَزُولُ بِالشَّكِّ . وَبَدَنُ الْكَافِرِ طَاهِرٌ , وَكَذَا طَعَامُهُ وَمَاؤُهُ وَمَا صَبَغُوهُ , أَوْ نَسَجُوهُ . , ثُمَّ قَالَ فِي الْإِقْنَاعِ , وَالْغَايَةِ: وَتَصِحُّ الصَّلَاةُ فِي ثِيَابِ الْمُرْضِعَةِ , وَالْحَائِضِ وَالصَّبِيِّ مَعَ الْكَرَاهَةِ , مَا لَمْ تَعْلَمْ نَجَاسَتَهَا , فَفَرَّقَ بَيْنَ الْحَائِضِ , وَالْمُرْضِعَةِ , وَبَيْنَ ثِيَابِ الْكُفَّارِ وَمُلَابِسِي النَّجَاسَةِ فَجَعَلَهَا فِي ثِيَابِ الْمُرْضِعَةِ , وَمَا عُطِفَ عَلَيْهَا مَكْرُوهَةٌ بِخِلَافِ الْكُفَّارِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِمْ . وَعِبَارَةُ الْفُرُوعِ: وَثِيَابُ الْكُفَّارِ وَآنِيَتُهُمْ مُبَاحَةٌ إنْ جُهِلَ حَالُهَا وِفَاقًا لِأَبِي حَنِيفَةَ . وَعَنْهُ الْكَرَاهَةُ وِفَاقًا لِمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ . وَعَنْهُ الْمَنْعُ وَعَنْهُ فِيمَا وَلِيَ عَوْرَاتِهِمْ وَعَنْهُ الْمَنْعُ مِمَّنْ تَحْرُمُ ذَبِيحَتُهُ , وَكَذَا حُكْمُ مَا صَبَغُوهُ وَآنِيَةُ مَنْ لَابَسَ النَّجَاسَةَ كَثِيرًا وَثِيَابُهُ . وَقِيلَ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ رضي الله عنه عَنْ صَبْغِ الْيَهُودِ بِالْبَوْلِ؟ فَقَالَ: الْمُسْلِمُ , وَالْكَافِرُ فِي هَذَا سَوَاءٌ , وَلَا تَسْأَلْ عَنْ هَذَا وَلَا تَبْحَثْ عَنْهُ , فَإِنْ عَلِمْت فَلَا تُصَلِّ فِيهِ حَتَّى تَغْسِلَهُ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ النَّاظِمُ رحمه الله بِقَوْلِهِ (وَإِنْ تَعْلَمْ التَّنْجِيسَ) فِي الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ (فَاغْسِلْهُ) الْغَسْلَ الشَّرْعِيَّ الَّذِي يُذْهِبُ النَّجَاسَةَ بِالْعَدَدِ الْمُعْتَبَرِ إنْ قُلْنَا بِهِ , أَوْ بِمَا يُذْهِبُ عَيْنَ النَّجَاسَةِ وَطَعْمَهَا , وَكَذَا رِيحُهَا , وَلَوْنُهَا مَا لَمْ تَعْجِزْ عَنْ إزَالَتِهِمَا (تَهْتَدِ) مَجْزُومٌ فِي جَوَابِ الطَّلَبِ , وَيَطْهُرُ بِالْغَسْلِ , وَإِنْ بَقِيَ اللَّوْنُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام وَلَا يَضُرُّكَ أَثَرُهُ . قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَاحْتَجَّ غَيْرُ وَاحِدٍ بِقَوْلِ عُمَرَ رضي الله عنه فِي ذَلِكَ: نَهَانَا اللَّهُ عَنْ التَّعَمُّقِ وَالتَّكَلُّفِ . وَبِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما فِي ذَلِكَ: نُهِينَا عَنْ التَّكَلُّفِ وَالتَّعَمُّقِ وَسَأَلَهُ - يَعْنِي الْإِمَامَ أَحْمَدَ - رضي الله عنه أَبُو الْحَارِثِ عَنْ اللَّحْمِ يُشْتَرَى مِنْ الْقَصَّابِ , قَالَ: يُغْسَلُ , وَقَالَ شَيْخُنَا يَعْنِي شَيْخَ الْإِسْلَامِ: بِدْعَةٌ , يَعْنِي غَسْلَ اللَّحْمِ .
وَلَيْسَ بِلُبْسِ الصُّوفِ بَأْسٌ وَلَا الْقَبَا وَلَا لِلنِّسَا , وَالْبُرْنُسِ افْهَمْهُ وَاقْتَدِ (وَلَيْسَ بِلُبْسِ) الْإِنْسَانِ لِ (لصُّوفِ) بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهِ - قُلْت: وَيُسْتَثْنَى مِنْ عُمُومِهِ مَا كَانَ أَحْمَرَ مُصْمَتًا وَمُزَعْفَرًا وَمُعَصْفَرًا فَيُكْرَهُ لِذَلِكَ لَا لِكَوْنِهِ صُوفًا - (بَأْسٌ) اسْمُ " لَيْسَ " وَخَبَرُهُ مُتَعَلَّقُ الْجَارِّ , وَالْمَجْرُورِ , أَيْ لَيْسَ بَأْسٌ كَائِنًا بِلُبْسِ الصُّوفِ يَعْنِي لَا حَرَجَ وَلَا حُرْمَةَ وَلَا كَرَاهَةَ , فَيُبَاحُ لُبْسُ ثِيَابِ الصُّوفِ , وَكَذَا الْوَبَرُ وَالشَّعْرُ حَيْثُ كَانَ مِنْ حَيَوَانٍ طَاهِرٍ . فَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ مَاجَهْ , وَالْحَاكِمُ وَاللَّفْظُ لَهُ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَكَلَ خَشِنًا وَلَبِسَ خَشِنًا , لَبِسَ الصُّوفَ وَاحْتَذَى بِالْمَخْصُوفِ " . قِيلَ لِلْحَسَنِ: مَا الْخَشِنُ؟ قَالَ: غَلِيظُ الشَّعِيرِ , مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُسِيغُهُ إلَّا بِجَرْعَةٍ مِنْ مَاءٍ . وَفِي سَنَدِهِ يُوسُفُ ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ نُوحِ بْنِ ذَكْوَانَ , وَقَالَ الْحَاكِمُ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ . قَالَ الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ: يُوسُفُ لَا يُعْرَفُ , وَنُوحُ بْنُ ذَكْوَانَ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ يَعْنِي بُطْلَانَ تَصْحِيحِ الْحَاكِمِ لَهُ وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ , وَقَالَ غَرِيبٌ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " كَانَ عَلَى مُوسَى عليه السلام يَوْمَ كَلَّمَهُ رَبُّهُ كِسَاءُ صُوفٍ وَجُبَّةُ صُوفٍ وَكُمَّةُ صُوفٍ وَسَرَاوِيلُ صُوفٍ , وَكَانَ نَعْلَاهُ مِنْ جِلْدِ حِمَارٍ مَيِّتٍ " وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ , وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ . قَالَ الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ: تَوَهَّمَ الْحَاكِمُ أَنَّ حُمَيْدًا الْأَعْرَجَ هُوَ حُمَيْدُ بْنُ قَيْسٍ الْمَكِّيُّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ , إنَّمَا هُوَ (حُمَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ) وَقَيْسُ بْنُ عَمَّارٍ أَحَدُ الْمَتْرُوكِينَ . وَقَوْلُهُ فِي الْخَبَرِ: الْكُمَّةُ هِيَ بِضَمِّ الْكَافِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ الْقَلَنْسُوَةُ الصَّغِيرَةُ . وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ مَوْقُوفًا عَنْ الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ: كَانَتْ الْأَنْبِيَاءُ يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يَلْبَسُوا الصُّوفَ , وَيَحْتَلِبُوا الْغَنَمَ , وَيَرْكَبُوا الْحُمُرَ وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ وَأَشَارَ الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ إلَى ضَعْفِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه مَرْفُوعًا " بَرَاءَةٌ مِنْ الْكِبْرِ لَبُوسُ الصُّوفِ وَمُجَالَسَةُ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ , وَرُكُوبُ الْحِمَارِ , وَاعْتِقَالُ الْعَنْزِ , وَالْبَعِيرِ " . وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ عَلَيْهِ جُبَّةٌ مِنْ صُوفٍ ضَيِّقَةُ الْكُمَّيْنِ , فَصَلَّى بِنَا فِيهَا لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ غَيْرُهَا . وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الْحَسَنِ مُرْسَلًا وَفِي سَنَدِهِ لِينٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي فِي مُرُوطِ نِسَاءٍ وَكَانَتْ أَكْسِيَةٌ مِنْ صُوفٍ مِمَّا يُشْتَرَى بِالسِّتَّةِ وَالسَّبْعَةِ وَكُنَّ نِسَاؤُهُ يَتَّزِرْنَ بِهَا وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مُرَحَّلٌ مِنْ شَعْرٍ أَسْوَدَ الْمِرْطُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ كِسَاءٌ يُؤْتَزَرُ بِهِ . قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَقَدْ تَكُونُ مِنْ صُوفٍ وَمِنْ خَزٍّ . وَقَوْلُهُمَا مُرَحَّلٌ هُوَ بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مُشَدَّدَةٌ أَيْ فِيهِ صُوَرُ رِحَالِ الْجَمَالِ , وَقَالَ فِي الْمَطَالِعِ: قَوْلُهُ مِرْطٌ مُرَجَّلٌ , كَذَا لِلْهَرَوِيِّ بِالْجِيمِ وَلِغَيْرِهِ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ مُوَشًّى بِصُوَرِ الرِّجَالِ , وَالْمَرَاجِلِ , وَقَدْ جَاءَ ثَوْبٌ مُرَاجَلٌ وَمُمَرْجَلٌ . وَأَخْرَجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالشَّيْخَانِ وَابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَسَلَ وَجْهَهُ , ثُمَّ ذَهَبَ يَحْسُرُ عَنْ ذِرَاعَيْهِ عَلَيْهِ جُبَّةٌ شَامِيَّةٌ , وَفِي لَفْظٍ رُومِيَّةُ الْكُمَّيْنِ , فَذَهَبَ لِيُخْرِجَ يَدَهُ مِنْ كُمِّهَا فَضَاقَتْ فَأَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ أَسْفَلِهَا . قُلْت: لَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالشَّيْخَانِ أَنَّ الْجُبَّةَ كَانَتْ مِنْ صُوفٍ , وَلَمْ يُصِبْ مَنْ زَعَمَ أَنَّهَا مِنْ صُوفٍ وَعَزَا الْحَدِيثَ لِلشَّيْخَيْنِ كَمَا لَا يَخْفَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
(تَنْبِيهَانِ: الْأَوَّلُ) كَانَ يَلْبَسُ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم جُبَّةً رُومِيَّةً ضَيِّقَةَ الْكُمَّيْنِ فِي السَّفَرِ . رَوَى أَبُو الشَّيْخِ عَنْ دَحْيَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ أَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جُبَّةً مِنْ الشَّامِ . وَالرُّومِيَّةُ وَالشَّامِيَّةُ شَيْءٌ وَاحِدٌ , ; لِأَنَّ الشَّامَ يَوْمَئِذٍ فِي حُكْمِ الرُّومِ . وَكَانَ يَلْبَسُ صلى الله عليه وسلم جُبَّةً كِسْرَوَانِيَّةً غَيْرَ رُومِيَّةٍ . فَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنهما قَالَ " أَخْرَجَتْ إلَيْنَا أَسْمَاءُ جُبَّةً مِنْ طَيَالِسَةٍ لَهَا لَبِنَةٌ مِنْ دِيبَاجٍ كِسْرَوَانِيٍّ . وَفِي لَفْظٍ كِسْرَوَانِيَّةٍ وَفُرُوجُهَا مَكْفُوفَةٌ بِهِ . وَفِي لَفْظٍ وَفَرْجَاهَا مَكْفُوفَانِ بِالدِّيبَاجِ فَقَالَتْ: هَذِهِ جُبَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَلْبَسُهَا , فَلَمَّا تُوُفِّيَ كَانَتْ عِنْدَ عَائِشَةَ رضي الله عنها , فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ عَائِشَةُ قَبَضْتُهَا فَنَحْنُ نَغْسِلُهَا لِلْمَرِيضِ مِنَّا إذَا اشْتَكَى وَفِي لَفْظٍ لِلْمَرْضَى وَنَسْتَشْفِي " . وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه قَالَ " تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَهُ جُبَّةُ صُوفٍ فِي الْحِيَاكَةِ " . وَرَوَى أَبُو الشَّيْخِ عَنْهُ قَالَ " خِيطَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جُبَّةٌ مِنْ صُوفِ أَنْمَارَ فَلَبِسَهَا فَمَا أُعْجِبَ بِثَوْبٍ مَا أُعْجِبَ بِهِ , فَجَعَلَ يَمَسُّهُ بِيَدِهِ وَيَقُولُ اُنْظُرُوا مَا أَحْسَنَهُ . وَفِي الْقَوْمِ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَبْهَا لِي فَخَلَعَهَا فَدَفَعَهَا فِي يَدِهِ " . وَأَهْدَى لَهُ أُكَيْدِرُ دُومَةَ جُبَّةً مِنْ سُنْدُسٍ مَنْسُوجٍ فِيهَا الذَّهَبُ , فَلَبِسَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَعَجِبَ النَّاسُ مِنْهَا , فَقَالَ أَتَعْجَبُونَ مِنْ هَذِهِ فَوَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْهَا وَأَهْدَاهَا إلَى عُمَرَ , فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَكْرَهُهَا وَأَلْبَسُهَا؟ فَقَالَ يَا عُمَرُ إنَّمَا أَرْسَلْتُ بِهَا إلَيْك وَجْهًا تُصِيبُ بِهَا . وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْهَى عَنْ الْحَرِيرِ . رَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ أَنَسٍ . وَأَهْدَى مَلِكُ الرُّومِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شُقَّةً مِنْ سُنْدُسٍ فَلَبِسَهَا قَالَ أَنَسٌ: فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إلَى يَدَيْهَا ثَدْيَانِ مِنْ طُولِهِمَا , فَجَعَلَ الْقَوْمُ يَقُولُونَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُنْزِلَتْ عَلَيْك مِنْ السَّمَاءِ؟ فَقَالَ: وَمَا تَعْجَبُونَ مِنْهَا وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنَّ مِنْدِيلًا مِنْ مَنَادِيلِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنْهَا , ثُمَّ بَعَثَ بِهَا إلَى جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَلَبِسَهَا , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إنِّي لَمْ أُعْطِكَهَا لِتَلْبَسَهَا . قَالَ فَمَا أَصْنَعُ بِهَا؟ قَالَ: ابْعَثْ بِهَا إلَى أَخِيك النَّجَاشِيِّ . رَوَاهُ ابْنُ سَعْدٍ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ رضي الله عنه . وَرَوَى ابْنُ قَانِعٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ دَاوُدَ أَنَّ قَيْصَرَ أَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جُبَّةً مِنْ سُنْدُسٍ , فَاسْتَشَارَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ , فَقَالَا يَا رَسُولَ اللَّهِ نَرَى أَنْ تَلْبَسَهَا يَكْبِتُ اللَّهُ بِهَا عَدُوَّك وَيُسَرُّ الْمُسْلِمُونَ , فَلَبِسَهَا وَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَ وَكَانَ جَمِيلًا يَتَلَأْلَأُ وَجْهُهُ فِيهَا , ثُمَّ نَزَلَ فَخَلَعَهَا فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ جَعْفَرٌ وَهَبَهَا لَهُ .
(الثَّانِي) اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي نِسْبَةِ الصُّوفِيَّةِ لِمَاذَا؟ فَقِيلَ: لِلُبْسِهِمْ الصُّوفَ لِاخْتِيَارِهِمْ الْفَقْرَ . وَقَالَ الْإِمَامُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِهِ تَلْبِيسِ إبْلِيسَ: نُسِبَتْ الصُّوفِيَّةُ إلَى صُوفَةَ , وَذَلِكَ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ انْفَرَدَ بِخِدْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَ الْبَيْتِ الْحَرَامِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ صُوفَةُ , وَاسْمُهُ الْغَوْثُ بْنُ مَرْصُوفَةَ فَنُسِبُوا إلَيْهِ لِمُشَابِهَتِهِمْ إيَّاهُ فِي الِانْقِطَاعِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى , ثُمَّ رَوَى بِسَنَدِهِ إلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْغَنِيِّ بْنِ سَعِيدٍ الْحَافِظِ قَالَ: سَأَلْت وَلِيدَ بْنَ قَاسِمٍ إلَى أَيِّ شَيْءٍ يُنْسَبُ الصُّوفِيَّةُ؟ فَقَالَ: كَانَ قَوْمٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُقَالُ لَهُمْ صُوفَةُ انْقَطَعُوا إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَقَطَنُوا عِنْدَ الْكَعْبَةِ فَمَنْ تَشَبَّهَ بِهِمْ فَهُوَ الصُّوفِيُّ . وَقِيلَ عَلَى الْأَوَّلِ إنَّمَا سُمِّيَ الْغَوْثُ بْنُ مَرْصُوفَةَ ; لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَعِيشُ لِأُمِّهِ أَوْلَادٌ , فَنَذَرَتْ لَئِنْ عَاشَ لَهَا وَلَدٌ لَتُعَلِّقَنَّهُ بِرَأْسِهِ وَلَتَجْعَلَنَّهُ رَبِيطًا بِالْكَعْبَةِ , فَفَعَلَتْ فَقِيلَ لَهُ صُوفَةُ وَلِوَلَدِهِ مِنْ بَعْدِهِ , وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُمْ مَنْسُوبُونَ لِأَهْلِ الصُّفَّةِ , وَهِيَ سَقِيفَةٌ اتَّخَذَهَا ضُعَفَاءُ الصَّحَابَةِ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم , وَكَانَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ حَيٌّ يُقَالُ لَهُمْ صُوفَةُ يَخْدُمُونَ الْكَعْبَةَ فَقِيلَ الصُّوفَةُ نِسْبَةٌ لَهُمْ يَعْنِي أَنَّ أَهْلَ الصُّفَّةِ لَزِمُوا الْقُطُونَ فِي الْمَسْجِدِ الشَّرِيفِ كَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ لَزِمُوا الْمُقَامَ لِخِدْمَةِ الْكَعْبَةِ . وَقِيلَ لِتَجَمُّعِهِمْ كَمَا يَتَجَمَّعُ الصُّوفُ , وَقِيلَ لِخُشُوعِهِمْ كَصُوفَةٍ مَطْرُوحَةٍ , أَوْ لِلِينِهِمْ كَالصُّوفَةِ . وَقِيلَ إنَّهُ مِنْ صَفَاءِ قُلُوبِهِمْ , أَوْ مِنْ الْمُصَافَاةِ , وَصَحَّحَ هَذَا الْقَوْلَ السَّبْتِيُّ فَقَالَ: تَخَالَفَ النَّاسُ فِي الصُّوفِيِّ وَاخْتَلَفُوا جَهْلًا فَظَنُّوهُ مُشْتَقًّا مِنْ الصُّوفِ وَلَسْت أَنْحَلُ هَذَا الِاسْمَ غَيْرَ فَتًى صَافَى فَصُوفِيَ حَتَّى سُمِّيَ الصُّوفِيّ
(وَلَا) بِلُبْسِ (الْقَبَاءِ) , وَهُوَ بِالْمَدِّ وَقَصَرَهُ النَّاظِمُ ضَرُورَةً . قَالَ فِي الْمَطْلَعِ: الْقَبَاءُ مَمْدُودٌ . قَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ , وَقَالَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ: هُوَ مِنْ قَبَوْت إذَا صَمَّمْت , وَهُوَ ثَوْبٌ ضَيِّقٌ مِنْ ثِيَابِ الْعَجَمِ . وَفِي الْقَامُوسِ: الْقَبْوَةُ انْضِمَامُ مَا بَيْنَ الشَّفَتَيْنِ , وَمِنْهُ الْقَبَاءُ مِنْ الثِّيَابِ جَمْعُهُ أَقْبِيَةٌ , أَيْ لَيْسَ بِلُبْسِهِ بَأْسٌ وَلَا حَرَجٌ ; لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَبِسَهُ . فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه قَالَ " أُهْدِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرُّوجُ حَرِيرٍ فَلَبِسَهُ , ثُمَّ صَلَّى فِيهِ , ثُمَّ انْصَرَفَ فَنَزَعَهُ نَزْعًا شَدِيدًا كَالْكَارِهِ لَهُ , ثُمَّ قَالَ: لَا يَنْبَغِي هَذَا لِلْمُتَّقِينَ " قَالَ الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ: الْفَرُّوجُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَضَمِّهَا وَبِالْجِيمِ هُوَ الْقَبَاءُ الَّذِي شُقَّ مِنْ خَلْفِهِ . وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: " لَبِسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا قَبَاءَ دِيبَاجٍ أُهْدِيَ لَهُ , ثُمَّ أَوْشَكَ أَنْ نَزَعَهُ , فَأَرْسَلَ بِهِ إلَى عُمَرَ , فَقِيلَ: قَدْ أَوْشَكَ مَا نَزَعْته يَا رَسُولَ اللَّهِ , فَقَالَ: نَهَانِي عَنْهُ جِبْرِيلُ , فَجَاءَهُ عُمَرُ يَبْكِي فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَكَرِهْتَ أَمْرًا وَأَعْطَيْتَنِيهِ فَمَا لِي؟ فَقَالَ: إنِّي لَمْ أُعْطِكَهُ لِتَلْبَسَهُ إنَّمَا أَعْطَيْتُكَهُ لِتَبِيعَهُ , فَبَاعَهُ عُمَرُ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ " وَفِي سُنَنِ النَّسَائِيِّ عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ رضي الله عنهما قَالَ " قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَقْبِيَةً وَلَمْ يُعْطِ مَخْرَمَةَ شَيْئًا , فَقَالَ مَخْرَمَةُ: يَا بُنَيَّ انْطَلِقْ بِنَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم , فَانْطَلَقْت مَعَهُ فَقَالَ: اُدْخُلْ فَادْعُهُ لِي , فَدَعَوْتُهُ فَخَرَجَ إلَيْهِ . وَعَلَيْهِ قَبَاءٌ فَقَالَ: خَبَّأْتُ هَذَا لَك . قَالَ: فَنَظَرَ إلَيْهِ , فَقَالَ: رَضِيَ مَخْرَمَةُ " , وَإِنَّمَا نَزَعَ الْقَبَاءَ فِي الْحَدِيثَيْنِ الْمَاضِيَيْنِ لِكَوْنِهِ حَرِيرًا , وَكَانَ لُبْسُهُ صلى الله عليه وسلم لَهُ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْحَرِيرِ , فَلَمَّا حُرِّمَ نَزَعَهُ ; وَلِذَا قَالَ فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ " نَهَانِي عَنْهُ جِبْرِيلُ " . (فَائِدَةٌ) سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ عَنْ طَرْحِ الْقَبَاءِ عَلَى الْكَتِفَيْنِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُدْخِلَ يَدَيْهِ فِي كُمَّيْهِ , هَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ رضي الله عنه بِأَنَّهُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ , وَقَدْ ذَكَرُوا جَوَازَ ذَلِكَ , قَالَ: وَلَيْسَ هَذَا مِنْ السَّدْلِ الْمَكْرُوهِ , لِأَنَّ هَذِهِ اللِّبْسَةَ لَيْسَتْ لِبْسَةَ الْيَهُودِ . انْتَهَى . (وَلَا) بَأْسَ بِلُبْسِ الصُّوفِ , وَالْقَبَاءِ (لِلنِّسَاءِ) حَيْثُ لَا تَشْبِيهَ . وَتَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي فِي مُرُوطِ نِسَائِهِ وَكَانَتْ أَكْسِيَةً مِنْ صُوفٍ . وَفِي الْآدَابِ الْكُبْرَى قَالَ الْأَثْرَمُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه: الدُّرَّاعَةُ يَكُونُ لَهَا فَرْجٌ؟ فَقَالَ كَانَ لِخَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ: دُرَّاعَةٌ لَهَا فَرْجٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهَا قَدْرُ ذِرَاعٍ . قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: فَيَكُونُ لَهَا فَرْجٌ مِنْ خَلْفِهَا؟ فَقَالَ: مَا أَدْرِي أَمَّا مِنْ بَيْنِ يَدَيْهَا فَقَدْ سَمِعْت , وَأَمَّا مِنْ خَلْفِهَا فَلَمْ أَسْمَعْ قَالَ: أَلَا إنَّ فِي ذَلِكَ سَعَةً لَهُ عِنْدَ الرُّكُوبِ , وَمَنْفَعَةً انْتَهَى . قُلْت: وَتَقَدَّمَ حَدِيثُ الْفُرُوجِ , وَأَنَّهُ الْقَبَاءُ الَّذِي شُقَّ مِنْ خَلْفِهِ . قَالَ فِي السِّيرَةِ الشَّامِيَّةِ: هُوَ أَصْلٌ فِي لُبْسِ الْخُلَفَاءِ لَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
(و) لَا بَأْسَ بِلُبْسِ (الْبُرْنُسِ) , وَهُوَ بِالضَّمِّ قَلَنْسُوَةٌ طَوِيلَةٌ , أَوْ كُلُّ ثَوْبٍ رَأْسُهُ مِنْهُ , دُرَّاعَةً كَانَ أَوْ جُبَّةً قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ: فَيُبَاحُ لُبْسُ الْبُرْنُسِ فِي غَيْرِ الْإِحْرَامِ ; لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ فَقَالَ " لَا يَلْبَسُ الْقَمِيصَ وَلَا الْعِمَامَةَ وَلَا الْبُرْنُسَ وَلَا السَّرَاوِيلَ " الْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما , دَلَّ بِمَنْطُوقِهِ عَلَى حُرْمَةِ لُبْسِ الْبُرْنُسِ لِلْمُحْرِمِ وَبِمَفْهُومِهِ عَلَى إبَاحَتِهِ لِغَيْرِهِ . (افْهَمْهُ) أَيْ احْفَظْهُ وَافْهَمْ مَعْنَاهُ , وَالْمُرَادَ مِنْهُ (وَاقْتَدِ) بِالْمُصْطَفَى وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ فِي سَائِرِ شُؤُونِك , فَإِنَّهُمْ عَلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ , وَالطَّرِيقِ الْقَوِيمِ . أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمْ اقْتَدِهْ . وَإِيَّاكَ وَمَا ابْتَدَعَهُ النَّاسُ مِنْ التَّنَطُّعِ حَتَّى فِي اللِّبَاسِ , فَإِنَّ السَّلَامَةَ السَّرْمَدِيَّةَ , وَالْغَنِيمَةَ , وَالْفَوْزَ فِي اتِّبَاعِ الْعِصَابَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ , وَالْفِرْقَةِ النَّاجِيَةِ السُّنِّيَّةِ السَّنِيَّةِ . وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَالسَّلَامَةُ بِلَا مُحَالٍ فِي حُسْنِ الِاتِّبَاعِ , وَتَرْكِ الِابْتِدَاعِ . فَنَسْأَلُ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَنْ يَمُنَّ عَلَيْنَا بِاقْتِفَاءِ أَثَرِ الرَّسُولِ , وَالْقُرُونِ الْأُوَلِ , وَأَنْ يُسَدِّدَنَا فِي الِاعْتِقَادِ , وَالْقَوْلِ , وَالْعَمَلِ , إنَّهُ وَلِيُّ النِّعَمِ . وَمِنْهُ الْجُودُ وَالتَّكَرُّمُ . لَا رَبَّ لَنَا سِوَاهُ . وَلَا نَعْبُدُ إلَّا إيَّاهُ .
|